¤ الاسـتشـارة:
أنا سيدة متزوجة من 10 سنوات لدي 4 أبناء والحمد لله كان وضع زوجي المالي ممتاز وكان الناس حولنا مثل كثر وزوجي ذو أخلاق وادب وبعد مرور سنوات تدهور وضع زوجي مما أدى إلى دخوله السجن بسسب شيك، وبعد ذلك لم أجد أحدا من الذين كانوا يسهرون ويأخذون من زوجي مالذلهم وطاب من أموال وعندما وقع زوجي لم يقفوا إلى جانبه لدرجة أن أهله لم يسألوا عنا.
المهم إستطعت تجميع المال الازم لإخراجه من سجنه، وبعد خروجه لم يعد كما كان لم يعد يزور أحد وتعود على الجلوسي القهوة ولعب الورق ولم يعد يدرك أن في رقبته مسؤؤلية فأصبح يسهر الأيام ولايعد إلا متأخرا تراكمت عليه قضاء إيجارات وأخرجونا ولكن عندما سكنا منزل آخر إلتزم بدفع الإيجار ولكن الصرف على الأولاد والخادمة والمأكل واللبس كله من راتبي فهو لايصرف علينا فقط يدفع الإيجار.
ومن مده وأنا أبحث عن عمل حيث راتبي لم يعد يكفي ونفسيتي تعبت بعدما علمت أنه يلعب في القهوة بالقمار ولا يأتي إلا ثاني يوم أنا بصرحة تعبت من هالحياة على طول عصبية لم أعد أستحمل أي كلمة حتى أثر سلبا على أولادي، على أسب وألعن تراكمت علي الديون بسبب زوجي ولم أعد أذق طعم الراحة حتى انني أوقات أفكر في الإنتحار ولكن أخاف من عقاب الله.
بإختصار زوجي دمرني، دمر كل شيء بالامبالاة حتى السفر ممنوعين من السفر بسبب القضايا التي عله ولي أكثر من 17 سنة لم أسافر ولم يروا أولادي إلى الآن بلدهم ماذا أفعل؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا.
رد المستشار: د. عبد العزيز بن عبد الله المقبل.
أختي الكريمة: أعتقد بداية أن شعورك بالضيق تلاقت خيوطه من عدة أمور، فأنت منزعجة من أولئك الذين كانوا يترددون على زوجك كثيراً ويأخذون منه ما لذّ وطاب من أموال، وعندما وقع زوجك لم يقفوا إلى جانبه حسب تعبيرك!.. والحقيقة أن عامة الناس في كل زمان ومكان نفعيون، يقبلون على الإنسان، بلغة جميلة، وإبتسامة رقيقة، حين يحتاجون إليه. ويهربون منه، ويولونه ظهورهم، حين يطلب منهم حاجة.
ولذا فالجميل بالإنسان، وهو يعمل الخير، أو يساعد الناس، ألا ينتظر منهم جزاء ولا شكورا، حتى لا يُصدم حين يرى إعراضهم وصدودهم.
أختي الكريمة: تذكرت، وأنا أقرأ رسالتك، مقولة أكثم بن صيفي: ما أعان على المكرمات مثل النساء الصوالح.. إذ جسدت رسالتك رجاحة عقلك، وإخلاصك لزوجك، حين فزعت لمصابه، ورحت تحثين الخطى في سبيل (إخراجه) من ورطته، فتجمعين له المال، ولا تشعرين بالراحة النفسية حتى تريه حراً، رغم تحمّلك الكثير.. لكن يسوءك جداً أن تعملي على إطلاق سراحه من السجن، ثم تفاجئين بأنه ذهب بمحض اختياره إلى تقييد نفسه في سجن الشهوات، ليصبح أسيراً لها، وهو ما لا يفيد معه سوى قرار ذاتي من عنده، بعد إحساسه بالمشكلة.
أختي الكريمة: يخيّل لي أن علاقة زوجك بالمقاهي والقمار ليست جديدة، ولكن كان يسترها في السابق شحوم المستوى المالي الجيد!، فلم تكوني تشعرين بذلك بإعتبار أن زوجك يسدد فواتير الحياة اليومية بصورة تلقائية، لكن حين تدهور وضعه المالي لم يعد قادراً على التسديد، لا لأنه لا يجد المال نهائياً، لكن لأن برنامجه، الذي ربما إعتاد عليه، في القمار يجعله يوفر المال له، مؤثراً إياه على تسديد إيجار البيت، وهو ما يتضح من كونه حين رأى الجد، وإخراج المستأجر لكم من البيت، إضطر إلى دفع الإيجار!
أختي الفاضلة: أنتم جربتم في السابق حياة الرفاهية، ثم أنتم الآن تجربون حياةً لم تعتادوا على ما فيها من بعض الضيق، وكنت تعيشين مع زوج يلبي لك كل مطالبك، ثم بسبب ظروفه المالية بدأ ينسحب.. وها أنت تعلنين الغضب والإنفعال، وتستشعرين الضيق غير المحدود، إلى درجة التفكير في الإنتحار، كما تقولين! وفي الوقت الذي أحمد الله كثيراً على تديّنك الذي يقف بك عن المضي في تلك الأفكار الخرقاء، أحب أن تطرحي على نفسك بعض هذه التساؤلات:
هل كل الأسر تعيش في بحبوحة من المال، وتخلو من المشكلات المزمنة؟.. وهل يعد الانتحار حلاً مثالياً لمن يعاني من مثل مشكلاتك أو ما هو أشد منها؟!..
في ظني كمستشار ترد عليه الكثير من المشكلات لو كان الأمر كذلك لسمعنا يومياً العشرات، بل المئات، من حالات الانتحار!! ثم أختي الفاضلة وأنت العاقلة: من هو الخاسر من قضية الإنتحار؟ وهل ستُحل المشكلة حين نضحّي بأنفسنا بهذه الطريقة؟.. وهل ضاقت السبل، وانسدت المسالك بحيث لا يبق من الحلول غير الانتحار؟! أنا أعترف أن طريقة زوجك خاطئة، بل وموغلة في الخطأ، لكنني لن أخجل أن أقول: إنه كان لك دور في ذلك، حيث كما يبدو أن هناك خللاً دينياً، في دنيا زوجك من قبل، لم تكوني لتولينه أي أهمية، وربما كان هو السبب وراء ما أصاب زوجك، وأصابك تبعاً لذلك.
إن العمل الأول، الذي يفترض أن تعمليه، هو الإكثار من الإستغفار، فقد قال الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم: «من لزم الاستغفار جعل الله له من كل همٍّ فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً». وثمة نماذج كثيرة لحالات كان للإستغفار دور كبير في حلها، مع ما بدا في الظاهر من استعصائها، ثم قفي في وجه زوجك شامخة، وضعي عينيك في عينيه، في وقت ترينه فيه غير متعب، وتكلمي معه بقوة وأدب..
حدثيه بمسؤولياته، التي يفترض أن يواجهها ولا يهرب منها، وأنه مهما هرب ستظل تطارده، وأنه أثبت في الماضي أنه على مستوى المسؤولية، وهو قادر حين يستعين بالله أن يستعيد عافيته المادية، وأنك تحبينه، وأنت له مخلصة، ومن ثم لا ترضين له إلا الخير.
ومن الخير أن يعيد صياغة حياته من جديد، ويباشر مسؤولياته، وأنك ستقفين معه في كل خطوة يخطوها، ولو قدر لك أن تري هذا الأسلوب لم يجدِ معه، فأرى أن تفكري بالسؤال حول بعض الجمعيات التي تكون مهمتها المساعدة في حل المشكلات الزوجية.. ولو كنت أعرف مكان إقامتك لذكرت ما أعرفه من هذه الجمعيات هناك، مع يقيني أن للزوم الإستغفار أثراً كبيراً، سواء في حل مشكلة زوجك، أو على الأقل في إعانتك في مشوارك الحياتي، وإكسابك الراحة النفسية.
جعل الله لك من كل همٍّ فرجاً، وأزاح عنك ما يؤذيك، وهدى زوجك إلى كل خير.
المصدر: موقع المستشار.